الطريق إلي عز المسلمين
الأمة فى خطر
سلب المقدسات
بلايا أهل الإيمان
طريق التمكين

الأربعاء، يوليو 22، 2009

رَحيل العُـلماء ~

.
.
بسم الله الرحمن الرحيم
.
.
العالم للأمة بدرها الساري، وسلسالها الجاري،
لا سيما أئمة الدين، وعلماء الشريعة؛
ولذلك كان فقدهم من أعظم الرزايا،
والبلية بموتهم من أعظم البلايا،
وأنَّى للمدلجين في دياجير الظلمات أن يهتدوا
إذا انطمست النجوم المضيئة.
.
صح عند أحمد وغيره من حديث أنس رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
{ إنما مثل العلماء كمثل النجوم
يهتدى بها في ظلمات البر والبحر،
فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة }.
.
يقول الإمام أبو بكر الآجري رحمه الله:
" فما ظنكم بطريقٍ فيه آفات كثيرة،
ويحتاج الناس إلى سلوكه في ليلة ظلماء،
فقيض الله لهم فيه مصابيح تضيء لهم،
فسلكوه على السلامة والعافية،
ثم جاءت فئامٌ من الناس لا بُدَّ لهم من السلوك فيه فسلكوا،
فبينما هم كذلك إذ أطفئت المصابيح فبقوا في الظلمة،
فما ظنكم بهم؟
فهكذا العلماء في الناس".
.
وحسبكم يا عباد الله !
في بيان فداحة هذا الخطب،
وعظيم مقدار هذه النازلة،
قول المصطفى صلى الله عليه وسلم
في الحديث الذي أخرجه الشيخان
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما:
{ إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس،
ولكن يقبض العلم بقبض العلماء،
حتى إذا لم يبق عالماً؛ اتخذ الناس رءوساً جهالاً،
فسئلوا فأفتوا بغير علم؛ فضلوا وأضلوا }.
.
ويُوضح ذلك أيضاً ما في الصحيحين
من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{ تظهر الفتن، ويكثر الهرج، ويقبض العلم }
فسمعه عمر فأثره عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:
( إن قبض العلم ليس شيئاً يُنتزع من صدور الرجال،
ولكنه فناء العلماء ).
.
ولقد أخبر حبر الأمة وترجمان القرآن
عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى:
" أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا "
[الرعد:41]
قال: ( بموت علمائها وفقهائها ).
.
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
(عليكم بالعلم قبل أن يُقبض، وقبضه ذهاب أهله ).
.
وقال الحسن رحمه الله:
" موت العالم ثلمة في الإسلام،
لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار".
.
وقيل لـسعيد بن جبير رحمه الله:
" ما علامة الساعة وهلاك الناس؟
قال: إذا ذهب علماؤهم "
.
وفي هذه الآونة الأخيرة ابتليت الأمة
بفقد كوكبة من علمائها وفضلائها،
ووفاة نخبة من فقهائها ونبلائها،
فما إن كفكفت الأمة دموعها،
ولملمت ضلوعها على فقد طودٍ منهم،
حتى رُزئت بفقد آخر في انفراطٍ لعقد متلألئ وضاء،
وتناثر لحباته المناسقة،
وبموت هؤلاء الجهابذة تُطوى صفحات لامعة،
وسجلات ناصعة، من خصال الخير المتكاثرة.
.
وإن غياب العلماء الراسخين،
يخلي الساحة لتصدر الرويبضة،
ونطق أنصاف المتعلمين،
مما تحتاج معه الأمة إلى وقفات حازمة
لوضع الضوابط الشرعية في المجالات كافة،
حتى تعبر سفينة الأمة بأمانٍ
في بحر الفتن المتلاطم، وسير المحن المتفاقم،
إلى شاطئ السلامة وبر النجاة،
حتى يسد الطريق أمام المصطادين في الماء العكر.
.
إنَّ من حسن العزاء عند فقد العلماء
أن دين الله محفوظ، وشريعته باقية،
وخيره يفيض ولا يغيض،
فأعلام الديانة مرفوعة بحمد الله
.
أخرج أبو داود بسند جيد، والحاكم وصححه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
{ إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة
من يجدد لهذه الأمة أمر دينها }
{ وَعَلَمُ هذا الدين يحمله من كل خلف عدوله،
ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين }.
.
ولم تصب الأمة بمصيبة هي أعظم من مصابها
بفقد الحبيب المصطفى
صلى الله عليه وسلم،
فالمصيبة بفقد من بعده تهون، مهما كان شجاءً.
.
كما أن من حسن العزاء أن هؤلاء العلماء -رحمهم الله-
باقون بذكرهم .. أحياء بعلمهم،
يلهج الناس بالثناء عليهم والدعاء لهم،
ويجتهدون في اقتفاء آثارهم،
وترسم خطاهم، علماً وعملاً، ودعوة ومنهاجاً،
تشبهاً بالكرام إن لم يكونوا مثلهم،
فذلك أمارة الفلاح.
.
كما أنَّ مِنْ حسن العزاء -أيضاً-
أن علماء الشريعة -ولله الحمد والمنة- مُتوافرون
عبر الأعصار والأمصار،
يحي الخلف منهج السلف،
وأمة الإسلام أمة معطاءة،
زاخرة بالكفاءات، ثرية بالعطاءات، مليئة بالقدرات،
ولن يخور العزم ويضعف العطاء -بحول الله- بفقد علم بارز،
ففي الأمة -بحمد لله- من سيحمل مشعل الهداية، وراية العلم والدعوة،
ويسد الثغرة، وينهض بالمسئولية العلمية والدعوية،
وما علينا إلا أن نسمو بهممنا،
وننهض بمهماتنا في نصرة دين الله،
ونفع عباد الله.
.
.
كانت هذه الكلمات / مقتطفات من خطبة الجمعة
للشيخ الدكتور /عبد الرحمن السديس
إمام وخطيب الحرم المكي
.
.

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

[إنَّ من حسن العزاء عند فقد العلماء
أن دين الله محفوظ، وشريعته باقية،
وخيره يفيض ولا يغيض،]

اللهم لك الحمد

باركَ اللهُ فيكِ يابانة

طالبة علم يقول...

رحم الله من رحل من علمائنا
وبارك في من بقي منهم،




بانة؛ نفع الله بكِ



بحث عن: