لذة تجلو الهم ~

.

.

.

.

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين

نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..

.

تكاثرت الهموم على الناس ، وكلٌ في همّه قد شُغل ،

تعددت الأسباب - برأي الناس - والهم واحدُ !

وكلٌ يُرجع همّه إلى ما يراهُ هو سبباً في تكدير عيشه

من إنسان أو حال ،

وبكوني واحدة من الناس فلا أسلم من هم

بل هي هموم تعتريني ،

والحمدلله على كل حال ،

لكن أسباب الهموم في ما نرى على غير ما هي حقيقة

رأيناها في الخلق والقدر ،

ورآها ابن الجوزي - رحمه الله - من صميم النفس !

كلمات قالها ابن الجوزي حين عرف حقيقة الداء

ومن عرف الداء تيسرت له معرفة الدواء

تعالوا معي لنتأمل ما قاله ،

لعل بين ثنايا كلماته نجد سلوة لنفوسنا وذاهباً لهمومنا بإذن الله .

.

يقول ابن الجوزي - رحمه الله - :

في كتابه " صيد الخاطر "

فصل بعنوان " لذة المعرفة "

.

" رأيت سبب الهموم والغموم

الإعراض عن الله عز وجل والإقبال على الدنيا‏

وكلما فات منها شيء وقع الغم لفواته‏

فأما من رزق معرفة الله تعالى استراح

لأنه يستغني بالرضا بالقضاء فمهما قدر له رضي‏

وإن دعا فلم ير أثر الإجابة لم يختلج في قلبه اعتراض

لأنه مملوك مدبر فتكون همته في خدمة الخالق‏

ومن هذه صفته لا يؤثر جمع مال

ولا مخالطة الخلق ولا الالتذاذ بالشهوات‏

لأنه إما أن يكون مقصراً في المعرفة

فهو مقبل على التعبد المحض يزهد في الفاني لينال الباقي‏

وإما أن يكون له ذوق في المعرفة فإنه مشغول عن الكل بصاحب الكل‏

فعيشه معه كعيش محب قد خلا بحبيبه لا يريد سواه ولا يهتم بغيره‏

فأما من لم يرزق هذه الأشياء فإنه لا يزال في تنغيص متكدر العيش

لأن الذي يطلبه من الدنيا لا يقدر عليه

فيبقى أبداً في الحسرات مع ما يفوته من الآخرة بسوء المعاملة

نسأل الله عز وجل أن يستصلحنا له فإنه لا حول ولا قوة إلا به‏ . "

.

.